الجمعة، 15 نوفمبر 2013

عين الاستخبارات الاسرائيلية على الانترنت.. ’اسرائيل’ تصطاد اللبنانيين الكترونياً

هل يصدّق أحد أن "اسرائيل" قد توقف يوماً تجسّسها علينا؟ من يتحسّس خبث نواياها تجاه لبنان، يؤمن بأن خطرها داهم طيلة الوقت، تستغلّ كلّ دقيقة وكلّ هفوة أو حركة، حتى تتسلّل الى العمق اللبناني..

الى جانب المواجهة العسكرية الدائمة مع اسرائيل"، ينشط الموساد وضباطه لتجنيد عملاء لهم على الاراضي اللبنانية، أو للنجاح في اختراق الـ10452 كلم بوسائل فائقة الدقة الى حدّ يصعب اكتشافها.. لكن هزيمة الجيش الصهيوني في الـ 2000 والـ2006، فرضت واقعاً جديداً في الحرب الاستخباراتية والتقنية خصوصاً في ظلّ تشعّب المجالات التي قد يلجأ العدو الى استغلالها من أجل تنفيذ تنصته، فهو لن يستطيع الراحة بعد الآن، ابتكاراته التجسسية سرعان ما تُحبط ولا يُكتب لها طول العمر.

حديث الرئيس نبيه بري مؤخراً عن منظومة تجسسية ممتدة على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية لم يكن مفاجئاً، إلّا أنه يفرض التنّبه الى خطورة النشاطات الاسرائيلية العلنية والسرية في آنٍ معاً الموجّهة بشكل مباشر ضدّ لبنان. 

الحيوانات تتجسّس أيضاً

قبل أقل من شهر، أرسلت جامعة "تل أبيب" الى لبنان نسراً مزوّداً بجهاز إرسال مخبأ بطريقة محكمة في ظهره.. حلّق طويلاً الى أن تمكّنت مجموعة صيادين في منطقة عشقوت قضاء كسروان من اصطياده. لا ينحصر استغلال الاسرائيليين للحيوانات بالطيور، هم يستفيدون أيضاً من الأسماك لإرسالها الى البلدان العربية، فمصر مثلاً عانت قبل مدة من هجوم أسماك القرش على سائحين فى البحر الأحمر، وتبيّن لاحقاً  أن الموساد هو من وجه القروش للشواطئ المصرية لضرب السياحة.

ولأن النتائج غير مضمونة غالباً مع الحيوانات، يعتمد الصهاينة على طرق أكثر فعالية تشكّل الحداثة التقنية أحد مرتكزاتها، لهذا تعمل على التنصت على أي جهاز يصل إرساله الى الأقمار الاصطناعية وخصوصاً اذا كان يحمل إشارات الـ UHF - VHF أو أي اشارة من 1 ميغاهرتس، فالجهاز المخابراتي يستطيع  التقاطها وإرسالها الى الاقمار الاصطناعية ومن ثمّ إعادتها الى المركز الأمّ ما يجعل كل شخص يستخدم الهاتف أو الانترنت أو الرسائل أو الفاكس أو الفيديو الموصول الى الانترنت قابلاً للتحليل، ما يعني أن لا حصانة على أي شيء أو أي شخص من الاختراق الالكتروني "الاسرائيلي".



الاختراق والتجنيد الكترونياً

وعليه، يعتبر الانترنت بالنسبة للاسرائيليين أرضاً "خصبة" تسهّل عليهم عملية ملاحقة وخرق أعدائهم وخصوصاً في لبنان.. لذلك يلجأ الصهاينة الى تفعيل أنشطتهم من أجل الإيقاع بلبنانيين لم يدركوا حقيقة استدراجهم للتعاون والتعامل مع الموساد أو أي جهة في الكيان. الوحدة 8200 التابعة للجيش الصهيوني، تتولّى مهمة الاختراق الالكتروني لأي جهاز كمبيوتر أو حساب على الانترنت، أُنشئت عام 1996، وتتألف من جنود مدربين على مراقبة الدول والتسلّل الى شبكات الاتصال والانترنت فيها. لها قاعدة تجسس في النقب الغربي. هذه القاعدة تنقل المكالمات إلى المقر الرئيسي لاستخبارات الوحدة 8200 في هرتسليا حيث تُترجم وتُوزّع على جيش الاحتلال والموساد، ومقر الاتصالات الحكومية "GCHQ" البريطانية، والأمن القومي الأميركي.

يبذل ضباط الموساد الالكترونيون جهداً كبيراً في سبيل الوصول الى الاسرار التي تؤرقهم، أسرار تتعلّق بالمقاومة وشعبها..  قد يكون موقع stop910، شاهداً على ذلك.. لدى الدخول الى هذا العنوان الذي يُراقب المشرفون عليه بطبيعة الحال زواره، يتّضح سريعاً أن هذا الموقع أُنشئ خصيصاً للتنسيق الاستخباراتي المكشوف ضدّ حزب الله. جولة سريعة، ويتبيّن أن هدف الموقع هو الحصول على معلومات أياً تكن صوراً أو أسماء لأشخاص يزعم أنها تعود لأشخاص منتمين لحزب الله أو المقاومة في لبنان بحجة مكافحة الإرهاب.. كيف ذلك؟ من خلال توجيه من يريد التعامل مع  الموقع الى كيفية التعاون بأقلّ الخسائر الأمنية. فيقدّم سلسلة نصائح تحت عنوان "أمنك الشخصي يهمنا" حتى يضمن إرسال التفاصيل المطلوبة بطريقة آمنة. تجنيدٌ علنيٌ للعملاء والهدف كشف أسماء حزبية مقابل مبالغ مغرية، الموقع يلحظ البدل المادي جيّداً ويخصّص زاوية ترويجية له تحت شعار "إذا توفرت لديك معلومات عن هوية هذا الشخص (الاسم، العنوان، رقم التلفون إلخ)فإن هذه المعلومات تساوي الذهب!". 

لا تقف خطورة هذا الموقع عند هذا الحدّ، فهو يشكر المتعاملين معه على صفحته مباشرة، ويذكرهم بأسمائهم الوهمية ويفصّل في الوقت نفسه المعلومة التي سرّبوها. طريقة تجسّسية علنية يديرها الموساد ويجهد من أجل الوصول الى أي "خبرية" تتعلق بحزب الله ويمكن البناء عليها.

مواقع وإعلانات مشبوهة

المواقع المشبوهة والتي تدور في الفلك الاستخباراتي الاسرائيلي تتكاثر وتتوالد سريعاً، أحدثها موقع "البديل الشيعي قائم" .. يسوّق لفكرة رفض وجود حزب الله من خلال وضع شعار ثابت على صفحته "لن نقبل أن نعيش كالنعامة نغمر رؤوسنا بالرمل كي لا نرى ما يدور حولنا من ظلم وابتزاز لان حكامنا يستغلون اسم الله عز وجل لمنع المعارضه ولو فكريا"، وعليه يطلب من المتصفحين والزوار التعاون عبر التواصل مع المشرفين عليه من خلال إتباع التوجيهات المقدّمة كالآتي "أمنك وسلامتك: لا تراسلنا من بيتك، بل اذهب الى انترنت "كافي". ليس قريبا من منزلك، ولا يعرفونك وافتح عنوان gmail  أو hotmail. بريد الكتروني جديد، وراسلنا منه. من المؤكد سنرد على رسالتك لهذا تذكر بان تقرأ البريد مرتين في الاسبوع..". وطبعاً البريد مدرج في خانة "للاتصال بنا".

هذا الموقع يتشارك مع العديد من الاعلانات الترويجية التي تغزو صفحات الانترنت تحت عناوين جذابة تستدرج الناس للإيقاع بهم، إن من خلال عرض مبالغ طائلة مقابل قيامهم بجهد بسيط، أو من خلال التسويق لفكرة حصولهم على الـ green card الذي يمكّنهم من دخول الولايات المتحدة .. أساليب باتت مكشوفة لخبراء الاحتيال الالكتروني، فهذه طرق سهلة يديرها اسرائيليون وأمريكيون بغرض اختراق المجتمعات وتكوين شبكة داخلها تعمل على جلب معلومات أمنية واستخباراتية تخدم مصالحها في حربها ضدّ المقاومة وشعبها. 

برامج المحادثات المجانية

الانتشار الواسع وغير المحدود لبرامج المحادثات المجانية كالـ"واتسآب" والـ"فايبر" وشبيهاتها، حفّز "اسرائيل" على التسلل الى الادارات التي تتحكم بتلك البرامج، بما يسمح لها وضع يدها على أكبر عدد من المستخدمين في لبنان ولاسيّما في ظلّ الإقبال الكثيف على تقنيات منخفضة السعر.. في حالة برنامج الـviber، يتّضح بعد عملية بحث وتحرٍ عن الشركة المشغلة للبرنامج، أن مالكها  يدعى "تالمون ماركو" و هو إسرائيلي-أمريكي، يتّخذ من قبرص مقراً للشركة، المعروفة بأنها نقطة استراتيجية لإدارة عمليات التجسس المعادية. 

معلومات إضافية تستدعي التنبّه، فـ"فايبر" شركة  لا تتوخى الربح بشكل أساسي وتقدم خدمة مجانية 100% خالية من الإعلانات و من أي ميزة مدفوعة. مواصفات تدعو الى التساؤل عن الهدف المنشود من خدماتها، خاصة اذا ما تخيلنا التكلفة التي تدفعها الشركة لـ100 مليون مستخدم حول العالم منذ سنتين حتى الآن.. المنطق يقول إنه لا بد من ممول للشركة، وذي هدف محدد مستعد لدفع كل هذه التكاليف ليحصل على ما يريد..

تاريخ "فايبر" يوضح هذا الالتباس: لمؤسس الشركة تالمون ماركو (اسرائيلي الجنسية) مشاريع سابقة كـ"iMesh"، وهو برنامج لمشاركة الملفات على الإنترنت، يقوم بتنزيل برامج خبيثة و أدوات تجسس واختراق على أجهزة المستخدمين، إضافة الى برنامج  "Bandoo" الذي يقوم أيضاً بتنزيل برامج تجسس. 

تالمون ماركو ليس شخصاً عادياً ليؤسس شركة حساسة كـ"فايبر" ، فهو خدم لمدة أربع سنوات في الجيش الصهيوني، وشغل منصب المدير التنفيذي المسؤول عن المعلومات في قيادته المركزية، وهو خريج  جامعة تل أبيب بدرجة امتياز. 

على صعيد برنامج الـ"واتسآب"، يقول الخبراء في مجال أمن المعلومات، إنه من أكثر البرامج التي يَسهل على "اسرائيل" استغلالها، فهو خالٍ من أي معيار تشفير، ويعتبر أسوأ برنامج من الناحية الأمنية، يكشف المحادثات والصور والأسماء لشركات الإتصالات والإنترنت.. من خلاله تستطيع هذه الشركات المشكوك بصلاتها مع العدو، التلصّص على المستخدمين وتعقبّهم.

كذلك يفتقد برنامج الـ"تانغو" لمعايير الحماية الأمنية، لأن مشغّليه لم يحكموا قبضتهم على ركيزة أساسية وهي سهولة الاطلاع على سجلاته..

وتترافق محاولات اختراق أمن اللبنانيين مع رسائل نصية أو اتصالات هاتفية يتلقّونها من فترة الى أخرى تستتدرجهم من بوابة تجارية عبر التسويق لمنتجات وسلع تخدع البعض، ليظهر أن الهدف هو تجميع معلومات شخصية وأرقام وهواتف وصولاً الى التورط الأمني مع جهات استخباراتية معادية.

علم النفس  .. آلية الموساد

تخطط المخابرات الصهيونية كثيراً قبل الشروع في تنفيذ تجسسها على اللبنانيين، وهي تستند بشكل رئيسي قبيل بدء عمليات الاختراق الأمني وتجنيد العملاء الى مؤشرات نفسية، فتراعي نقاط ضعفهم، وتدرس جيداً السمات الشخصية والمزاجية لديهم قبل الاقتراب منه.

أمّا العوامل التي تساهم في إنجاح مهمة التجنيد وفق دراسات اسرائيلية خاصة بالموساد، فهي:

- المال: حاجة الشخص للمال.

- العاطفة: سواء كان للانتقام أو الأيديولوجية.

- الأخلاق: إذ يستقطب الموساد من لا يعيرون أهمية للقوانين والأخلاق، مما يسهّل عليهم تنفيذ ما يطلب منهم. 

وتتعدّد أساليب الموساد التجسسية، بحسب ما تظهر تقارير أمنية، فهي تعتمد بشكل رئيسي:

- الحصول على معلومات بشتى الوسائل عن طريق تجنيد عمال الملاهي الليلية خارج الكيان ومستخدمي الفنادق وفتيات الهوى والسائقين وغيرهم مع استخدام كافة أنواع الضغوط على العملاء المجندين.

- تتستر المخابرات الصهيونية تحت غطاء لجان المشتريات وشركات السياحة والطيران ومكاتب شركة الملاحة، ومؤسسات البناء والأعمال والشركات الصناعية والمنظمات التجارية الدولية.

- استخدام المال، والتنسيق مع الدول الأوروبية الغربية تحت ستار تنظيم استخباري بغية تجنيدهم للعمل في الدول العربية، وتجري الاستعانة هنا بالوكالة اليهودية،الساعد التنفيذي للحركة الصهيونية في العالم.

ويتمّ التركيز في هذه العملية على تجنيد موظفي الهيئات الدولية العاملين في الدول العربية، وبعض الطلاب العرب في الخارج عن طريق استغلال نقاط ضعفهم،إضافة الى استخدام الدبلوماسيين الأجانب لسهولة تنقلهم بين البلدان، ومراسلين صحفيين أجانب، وشبكات التهريب في البر والبحر و الجو .

لا أحد يملك ضمانات تمنع خرقه اسرائيلياً وخصوصاً اذا ما واظب على إهمال الاجراءات الاحترازية من تهديدات التقنيات المستخدمة يومياً.. المطلوب حذر الكتروني لا يعرف الراحة، فالصهاينة يصطادون هفواتنا مهما بلغت درجة سخافتها حتى ينجحوا في التجسس علينا!

0 التعليقات:

إرسال تعليق

على القرّاء كتابة تعليقاتهم بطريقة لائقة لا تتضمّن قدحًا وذمًّا ولا تحرّض على العنف الاجتماعي أو السياسي أو المذهبي، أو تمسّ بالطفل أو العائلة.
إن التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع كما و لا نتحمل أي أعباء معنويّة أو ماديّة اطلاقًا من جرّاء التعليق المنشور .