الثلاثاء، 13 يناير 2015

هل ينخفض سعر صفيحة البنزين إلى ما دون عشرين ألف ليرة؟

الإثنين 12 كانون الثاني 2015  آخر تحديث 09:28 ناجي س. البستاني - خاص النشرة
يَتواصل التراجع في سعر برميل النفط بشكل ثابت في العالم، مع كلّ الإنعكاسات الإيجابية والسلبيّة على بعض القطاعات والدول. وفي لبنان، في تمّوز الماضي، كان سِعر صفيحة البنزين (95 أوكتان) يبلغ 35200 ليرة لبنانية. فهل يُمكن أن نشتري في لبنان صفيحة البنزين بسعر يقلّ عن 20000 ليرة في المستقبل القريب؟
بداية، لا بدّ من وقفةٍ سريعة ومقتضبة بشأن أسباب تراجع سعر النفط عالمياً، والتي تُختصر بثلاثة رئيسة تداخلت بعضها ببعض وأدّت إلى إنهيار الأسعار، وهي:
أوّلاً: قرار من جانب الدول المُنتجة والمُصدّرة للنفط، وفي طليعتها دول مجموعة "أوبك"، بضرب أيّ منافسَةٍ محتملة من جانب مُنتجي ما يُسمّى "النفط الصخري"، حفاظاً على مصالحها الإقتصادية وعلى تواجدها في السوق. ومن المعروف أنّ المهندسين نجحوا أخيراً في خفض كلفة إستخراج "النفط الصخري" الذي يتوفّر في بيئات طبيعيّة صعبة، وجرى إكتشاف حقول ضخمة منه في البرازيل إضافة إلى تلك المتوفّرة في الولايات المتحدة الأميركية وكندا وغيرهما من الدول. تذكير أنّ دول "أوبك" قرّرت في إجتماعها الأخير الذي كان عُقد في 27 تشرين الثاني 2014، الحفاظ على حجم إنتاجها عند مستوى 30 مليون برميل يومياً، على الرغم من تباطؤ الأسعار، علماً أنّ المملكة العربيّة السعودية تستحوذ على الحصّة الأكبر من هذا الإنتاج.
ثانياً: زيادة عدد الدول والجهات المنتجة والمصدّرة للنفط (خارج منظّمة "أوبك")، وكثرة المضاربات على مستوى الأسعار، الشرعية منها وتلك غير المشروعة (منها عمليّات تهريب من ليبيا ونيجيريا والعراق وغيرها). ولم تترافق الزيادة السريعة في كميّات النفط المعروضة في الأسواق مع زيادة مهمّة في الطلب، بحيث شهدت القارة الأوروبيّة إنكماشاً واضحاً في الحركة الإقتصاديّة، وشهدت الدُول التي تتمتّع بكثافة سُكّانية عالية مثل الصين والهند نُموّاً بطيئاً.
ثالثاً: على الرغم من النفي المُستمر لأيّ أبعاد سياسيّة لتراجع أسعار النفط، ومن التحاليل التي تتحدّث عن تضرّر الدول الخليجيّة قبل سواها من إنخفاض هذه الأسعار، فإنّ الكثير من المحلّلين يصرّون على إدراج عامل الضغط الإقتصادي على روسيا وإيران في سياق الأسباب المتعدّدة والمتداخلة لإنخفاض سعر النفط، وذلك بهدف إلحاق ضرر كبير باقتصاد كل منها، على أمل أن يتسبّب ذلك في الحصول على تنازلات على المستويين السياسي والأمني. ومن الضروري التذكيرأنّ روسيا تفوّقت أخيراً على السعودية لتحتلّ المركز الأوّل في كميات النفط المصدّرة والتي بلغت نحو 11 مليون برميل في اليوم (نحو 13 % من الإنتاج العالمي البالغ نحو 85 مليون برميل يومياً). كما تحتل إيران المرتبة الرابعة عالمياً (تتزاحم مع العراق على هذه المرتبة) على مستوى التصدير مع نحو 4,5 مليون برميل يومياً، وهي تتمتّع أيضاً بحجم إحتياطي ضخم من النفط والغاز وَضَعها في المرتبة الثالثة عالمياً بالنسبة إلى الكميات الإحتياطيّة.  
وبعد إستعراض أسباب انخفاض سعر النفط، لا بد من الإشارة إلى أنّ توقّعات العدد الأكبر من الخبراء الإقتصاديّين تُجمع على أنّ المنحى التراجعي لأسعار النفط سيتواصل في خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، مع كل ما سيسبّبه ذلك من بلبلة وخسائر لشركات النفط وللدول التي تُعوّل على هذه المادة في إقتصادها. لكن بعد هذا السقوط الذي يُرجّح الخبراء أن يبلغ مداه في نهاية الفصل الأوّل من العام 2015 الحالي، ستعود أسعار النفط للإرتفاع بشكل بطيء وتدريجي. ويعتبر هؤلاء أنّ السعر المنطقي لبرميل النفط يجب أن يكون بحدود 70 دولاراً على الأقلّ، وهم على ثقة بأنّه سيعود إلى هذا المستوى، لكن التباين هو في الفترة الزمنيّة التي سيستغرقها هذا الأمر بعد إنتهاء مرحلة السقوط والتراجع للأسعار. وما لم نسمع بأنّ دول "أوبك" قرّرت الإجتماع إستثنائياً قبل إجتماعها الدَوري المُقبل المُقرّر في فيينّا في الخامس من حزيران 2015، فإنّ أيّ تغيير مُفاجئ لن يحصل لا على صعيد حجم الإنتاج، ولا على صعيد الأسعار بطبيعة الحال. وبالتالي، وبحسب الترجيحات إنّ سعر برميل النفط سيُواصل تراجعه ليبلغ أدنى مستوى له بين 35 و40 دولاراً للبرميل الواحد في الأشهر الثلاثة المقبلة، قبل أن يُعاود الإرتفاع تدريجاً إلى حين موعد إجتماع دول "أوبك" المقبل، علماً أنّ قلّة من الخبراء تعتبر أنّ السعر الحالي هو أدنى ما يُمكن الوصول إليه، ولا يمكن إنهيار الأسعار أكثر من ذلك.
في كلّ الأحوال، وبالنسبة إلى لبنان، ليس سرّاً أنّ الجهات الرسميّة المعنيّة تفرض رسوماً وضرائب تبلغ نحو 7000 ليرة لبنانية على كل صفيحة بنزين. وهذا لن يسمح بخفض سعر الصفيحة إلى مستويات متدنّية جداً، مقارنة بما هي عليه حالياً، كما يرغب الكثير من المُستهلكين. لكن إحتمال أن تتراجع إلى حدود عشرين ألف ليرة، وربّما إلى ما دون هذا السقف بقليل، وارد جداً، في حال إستمرّ التراجع لسعر النفط العالمي، وبلغ سعر البرميل الواحد نحو 40 دولاراً أو ما دون.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

على القرّاء كتابة تعليقاتهم بطريقة لائقة لا تتضمّن قدحًا وذمًّا ولا تحرّض على العنف الاجتماعي أو السياسي أو المذهبي، أو تمسّ بالطفل أو العائلة.
إن التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع كما و لا نتحمل أي أعباء معنويّة أو ماديّة اطلاقًا من جرّاء التعليق المنشور .