تابع
قاضي التحقيق العسكري عماد الزين، أمس استجواب علي ي. المشتبه فيه
بالتعامل مع إسرائيل. وبحسب ما أفادت "الأخبار" مصادر مط'لعة على سير
التحقيق، فإن الموقوف أقر' بأنه بدأ تعامله مع الاستخبارات الإسرائيلية عام
1990 عندما كان يعمل في تجارة "الأنتيكا". ففي رحلة عمل إلى نيويورك،
التقى بتاجر "أنتيكا" أميركي يهودي، فعملا معاً. بعد مدة، أخبره الأميركي
بوجود تاجر مثلهما في قبرص، ويمكنه السفر إليه للعمل معه بربح وفير. لم
يتردد اللبناني. حزم أمتعته وسافر إلى قبرص والتقى هناك بالتاجر. لم يتأخر
الأخير ليكشف عن "صنعته" الحقيقية: ضابط في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية.
كان يعرف أن علي ي. موظف في وزارة الأشغال، في مديرية المباني العائدة
لمحافظة البقاع تحديداً. عرض عليه العمل التجسسي فوافق بلا ترد'د. المحققون
مع الموقوف باتوا على اقتناع بأنه "من الذين يحبون المال حتى العمى". كل
شيء فيه مال لا يتردد حياله. بدأت رحلة عمالته الطويلة. خضع لدورات تدريب
على مهارات الاتصالات، فك الشيفرات، والاستفادة من أجهزة الاتصالات
المتطورة. راح يلتقي بمشغليه بمعدل مرة كل 6 أشهر. من أخطر ما اعترف به
أثناء التحقيق معه أنه كُل'ف بمراقبة الأمين العام السابق لحزب الله الشهيد
السيد عباس الموسوي، الذي اغتيل عام 1992. آنذاك كان عمر عمالة الموقوف لا
يتجاوز سنتين. نقل إلى مشغليه معلومات عن تحركات الموسوي. عن طبيعة موكبه
وطريقه سيره، وعن المكان الذي كانت تركن فيه سيارة الموسوي. أخبرهم أيضاً
بالمكان الذي تكون فيه عادة تلك السيارة داخل الموكب. لم يُعرف بعد حجم
تورطه في عملية الاغتيال، لكن "الأيام المقبلة ستكشف دوره الكامل في هذه
المسألة". كل ما قاله أمام القضاء حتى يوم أمس كان يصل إلى عام 1998.
الأيام المقبلة ستكشف دوره خلال السنوات اللاحقة. من الشخصيات التي كل�'ف
بمراقبتها، أيضاً، الشيخ صبحي الطفيلي والشيخ محمد يزبك، وغيرهما من قيادات
حزب الله في منطقة البقاع، وبنسبة أقل قيادات في حركة أمل. ومن اعترافاته
أيضاً، أنه كُلف لفترة طويلة من الزمن بمراقبة قوات الجيش السوري التي كانت
منتشرة في البقاع، إضافة إلى تركيزه على مراقبة مراكز الاستخبارات
السورية. وفي حقبة لاحقة، قدم معلومات عن شبكة اتصالات المقاومة السلكية،
بحسب اعترافاته، إذ استفادت إسرائيل مما قدمه تحديداً خلال عدوانها على
لبنان عام 2006.
خلال
رحلة عمالته الطويلة، تعاقب عليه الكثير من ضباط الاستخبارات الإسرائيلية.
كانوا يجرون جردة حسابات لما جمعه من معلومات، ثم يعطونه الأوامر لما يجب
عليه فعله في المرحلة التالية. كان يقدم لهم معلومات قي'مة، مستفيداً من
عمله في مديرية المباني في وزارة الأشغال. تقول المصادر: "لقد مسح لهم
منطقة البقاع مسحاً شاملاً، فصلها لهم كما لم يفعل أحد. كانوا يعرضون عليه
الصور الجوية فيحد'د الأهداف على الأرض. لقاءات كثيرة عقدت بينه وبين خبراء
في الصور الجوية في تل أبيب". ويبدو أن الإسرائيليين كانوا يقد'رون عالياً
قيمة المعلومات التي يقدمها لهم الموقوف علي ي.، إذ إن المبالغ المالية
التي حصل عليها ضخمة قياساً بما كان يقد�'م إلى سواه من العملاء. كذلك أقام
له مشغ'لوه حفل تكريم خاصاً.
تقول
المصادر إن علي ي. كان "بخيلاً ويعبد المال". ذات مرة، أرسل له مشغ'لوه
ساعة حائط بداخلها جهاز اتصال متطور صغير. استخرج الجهاز واستفاد منه. لكنه
لم يتخلص من الساعة، بل عل'قها داخل منزله في البقاع. كان، على ما يبدو،
من أكثر العملاء صدقاً مع مشغليه. فبحسب اعترافاته، كانوا يعرضونه باستمرار
على آلة كشف الكذب. لم تظهر هذه الآلة، بحضور اختصاصيين إسرائيليين في علم
النفس، أنه يكذب ولو قليلاً. هو مهندس، ولديه ثقافة عالية نسبياً. يتحدث
بطريقة جيدة، ويعبر عن نفسه بأسلوب مفهوم. خلال التحقيق معه كان بارد
الأعصاب. متزناً، صافي الذهن عارفاً ما يقول. عمره اليوم 67 عاماً. يعاني
من بعض المشاكل الصحية، وقد تقاعد من عمله في الوزارة قبل حوالى 3 سنوات.
وهنا
تساؤلات عديدة توجه الى القضاء في لبنان الذي يتساهل باحكامه مع العملاء
الذين خانوا وطنهم وشعبهم مقابل حفنة من المال،الى متى سيظل بعض القضاة في
لبنان يتعاطى مع العملاء بطريقة 6 و6 مكرر كما يتعامل السياسيين بتوزيع
الحصص في التعيينات الادارية والقضائية والامنية؟
والا
يعتبر هذا التساهل وهذه الاحكام المخفضة لعملاء ساعدوا العدو الاسرائيلي
في ارتكاب المجازر بحق اللبنانيين وفي تصفية العديد من قادة المقاومة
تشجيعا لهم على التعامل مع العدو ؟
محمد حمية
0 التعليقات:
إرسال تعليق
على القرّاء كتابة تعليقاتهم بطريقة لائقة لا تتضمّن قدحًا وذمًّا ولا تحرّض على العنف الاجتماعي أو السياسي أو المذهبي، أو تمسّ بالطفل أو العائلة.
إن التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع كما و لا نتحمل أي أعباء معنويّة أو ماديّة اطلاقًا من جرّاء التعليق المنشور .