السبت، 15 ديسمبر 2012

اخلاء سبيل العملاء.. مرفوض والسكوت عنه "خيانة عظمى"

ذو الفقار ضاهر
لا خلاف في لبنان ان عملاء العدو الصهيوني هم من طينة واحدة جُبِلَةْ على الخيانة لوطنهم والتنكر لتاريخ امتهم وولائهم هو لقتلة الابرياء والاطفال ومنتهكي الحقوق والقوانين على امتداد عشرات السنين من التاريخ الحديث.
ولا خلاف ايضا ان العميل عميل مهما كانت افكاره السياسية او معتقداته الدينية ولا جدال في ذلك، لاي طائفة او مذهب او منطقة انتمى، فالعملاء دينهم الغدر ومعتقدهم نكران التاريخ وانتماءهم هو لعدو وطنهم وامتهم وعدو الانسانية بلا استثناء، ولا خلاف ان هذه هي بعضا من الهوية الفاسدة والسيئة للعميل، أيا كان حجمه ودورهم ومدى انغماسه في العمالة، فالعميل عميل سواء تورط في دم رجل واحد او في تضييع مصير امة بأكملها.
لكن كل ما سبق رغم صوابيته قد يحتاج الى مزيد من الضبط والتحديد فيما يتعلق بحجم العملاء ودورهم مع العدو في ضرب مكونات الوطن ومؤسسات الدولة والتعرض لجيشه وقواه الامنية والسياسية ومقاومته في سبيل تقديم الخدمات للعدو في شتى الاتجاهات تحقيقا لاهداف هذا العدو، والسؤال الذي يطرح هل كل العملاء لهم نفس الثقل الامني والمخابراتي لدى مشغيلهم ام ان هناك مستويات في العمالة؟ وانطلاقا من ذلك هل يمكن التعامل مع العملاء بتساهل او لين؟ والسؤال البديهي هل يتم في لبنان التعامل بشدة او اقله تطبيق القوانين بشكل فعال بحق هؤلاء العملاء؟
هذه التساؤلات التي قد تطرح في معرض موافقة محكمة التمييز العسكرية في لبنان برئاسة القاضية إليس شبطيني على اخلاء سبيل احد العملاء من اصحاب التاريخ الحافل في تقديم الخدمات الجمّة للعدو وهو العميل شربل القزي المعروف بعميل الاتصالات، فرغم ان الجهة القضائية لم تخالف النص الحرفي للقانون اللبناني في اصول المحاكمات الجزائية الذي يجيز اخلاء السبيل للمتهمين، ولكن هل العميل كغيره من المتهمين؟ ام من الاولى اتباع روح القانون معه والتشديد والتشدد في التعاطي مع عميل ساهم بخرق العدو بشكل كبير لقطاع الاتصالات الاساسي بشكل كبير في حياة اللبنانيين؟
ما الاسباب الحقيقية التي تقف وراء إخلاء سبيل قزي؟
والتساؤل يطرح هل ان اسباب إخلاء سبيل قزي محض قانونية ام ان لذلك اسباب سياسية معينة؟ وهل من ضمن هذه الاسباب ما يتعلق بدور ما قد يكون قام به العميل قزي في تحريفه لاتصالات مفترضة قد تكون استندت عليها او ستستند المحكمة الدولية الخاصة بقضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري؟ وهل لاخلاء سبيل العميل قزي صلة مع حرب الاتصالات مع العدو ودوره فيها؟ ام ان لها اية صلة في مشاكسات "داتا الاتصالات" بين وزارة الاتصالات وفرع المعلومات؟

للاجابة على كل هذه التساؤلات توجهنا الى النائب اللبناني مروان فارس الذي رأى ان "الافراج عن عميل اسرائيلي موصوف كشربل قزي يتعدى مجرد الخطأ القضائي الفادح من قبل القاضية شبطيني ليصل الى حد اعتباره خطأ سياسيا ايضا"، وتابع "لا يجوز على القضاء ان يأخذ مبررات سياسية لاصدار قراراته لانه عند ذلك يفقد قيمته كقضاء"، وشدد على "ضرورة ان يكون القضاء مترفعا عن الامور السياسية خاصة في موضوع العمالة مع العدو الاسرائيلي"، لفت الى ان "قرار اخلاء سبيل قزي عمل لا يليق بالقضاء اللبناني وليس من مصلحة هذا القضاء".
فارس: ايا كانت الاسباب قرار اخلاء سبيل قزي مرفوض
واكد فارس في حديث لموقع "قناة المنار" الالكتروني انه "ايا كانت الاسباب التي تقف وراء اخلاء سبيل قزي سواء سياسية او غيرها فهو قرار مرفوض لان هذا الموضوع يفوق الغايات والاهداف السياسية"، واضاف "لبنان طالما كان على عداء مع كيان العدو الصهيوني ولذلك لا يجوز الظهور بمظهر التساهل مع العملاء لان في ذلك تهاون في حقوق الشعب اللبناني"، واشار الى ان "المعركة مع العدو اليوم هي معركة اتصالات بالدرجة الاولى فكيف يمكن الحديث عن اخلاء سبيل عميل عمالته تركزت في هذا المجال؟"، وشدد على ان "هناك ارادة لبنانية على الحفاظ وصون اتصالات اللبنانيين بينما المحاولات جارية لكسر هذه السرية من قبل العدو ومن خلفه اميركا وحلفائها وهذا ما يؤكد خطورة القرار بإخلاء سبيل  القزي المعروف بعميل الاتصالات".
وفيما أسف فارس "لصدور القرار السياسي بإخلاء سبيل قزي"، لفت الى ان "هناك اخطاء سابقة من قبل القضاء اللبناني بالافراج عن بعض العملاء"، وحذّر من ان "تصبح هذه القرارات سوابق قضائية واجتهادات بما يسمح بالاستناد عليها في المستقبل للافراج او لتبرئة العملاء ومعه يصبح الافراج عن العملاء امر عادي"، وشدد على "ضرورة رفع الصوت عاليا من كل اللبنانين وخصوصا النواب باعتبارهم ممثلين للشعب وكافة المسؤولين للتأكيد على ان تصرفات كهذه مرفوضة جملة وتفصيلا ولا يجوز القبول او السكوت بها".
ودعا فارس الى "مراجعة وزير العدل والمسؤولين القضائيين في لبنان في شأن هذه القرارات"، ورأى انه "من غير المقبول القول إن السلطة القضائية مستقلة ولا يجوز التدخل في عملها"، واوضح ان "هذه السلطة تعمل بما يتفق مع مصلحة اللبنانيين وليس ضد مصلحتهم واي استنساب للقاضي يجب ان يخضع لقاعدة الحفاظ على مصلحة لبنان واللبنانيين وليس العكس"، وطالب "بالايقاف الفوري عن تنفيذ هذا القرار باخلاء سبيل هذا العميل والتشديد على اخضاعه لمحاكمة تقنع اللبنانيين ان العملاء يحاكمون بشكل صارم فقط لانهم عملاء بغض النظر عن اية اسباب او دوافع اخرى".
وحول نفس الموضوع استصرحنا المحامية اللبنانية ميّ الخنسا التي قالت إن "اخلاء السبيل الذي حصل للعميل شربل قزي يخالف القانون اللبناني كما ان كل هذه الدعاوى التي تحال الى المحكمة العسكرية بخصوص العملاء مخالفة لقانون اصول المحاكمات الجزائية اللبناني"، واعتبرت ان "القانون اللبناني يوجب احالة هذه الجرائم على المجلس العدلي لانه الجهة القضائية المختصة بهذه الجرائم"، واشارت الى ان "المادة 355 و356 اصول محاكمات جزائية واضح في هذا المجال ويوجب إحالة لجرائم المنصوص عليها من المواد 270 الى 336 ضمنا من قانون العقوبات اللبناني الى المجلس العدلي وذلك بصورة اجبارية ولا مجال الى الاستنساب في هذا المجال من قبل مجلس الوزراء"، وشددت على انه "لا يجوز اذا لم يصدر المرسوم من مجلس الوزراء ان تنظر في جرائم العمالة لاسرائيل المحكمة العسكرية".
الخنسا: عدم احالة العملاء على المجلس العدلي خيانة عظمى
واعتبرت الخنسا في حديث لموقع "قناة المنار" الالكتروني انه "اذا لم تتخذ الحكومة المرسوما لاحالة هذه الجرائم الى المجلس العدلي فيجب ان تتم مساءلة الحكومة من قبل مجلس النواب عن هذا الامر"، ورأت ان "عدم احالة العملاء الى المجلس العدلي يعتبر خيانة عظمى تسأل عنها اية شخصية تشارك فيها ولو بالسكوت بمن فيهم النواب او الرؤساء او المؤسسات الدستورية المختصة"، ولفتت الى ان "اي دولة في العالم لا تقبل ولا تسمح بعدم التشدد او بالتراخي في موضوع التجسس على امنها وعلى مؤسساتها من قبل اي كان فلماذا نتعاطى نحن بهذا الشكل مع العملاء؟"، وشددت على ان "رأيها لا ينبع من خلفيات سياسية بل من اسس قانونية بحتة للحفاظ على سيادة القانون بما يحفظ لبنان".
وحول من يتحمل مسؤولة اخلاء سبيل العميل القزي، لفتت الاستاذة الخنسا  الى ان "قرار اخلاء سبيل القزي لا تتحل مسؤوليته رئيسة محكمة التمييز العسكرية القاضية شبيطني فقط بل هناك من يتحمل معها مسؤولية ذلك"، واعتبرت ان "اول من يتحمل المسؤولية هي الحكومة اللبنانية التي لم تحل الجرائم على المجلس العدلي وكذلك وزير العدل بالاضافة الى سكوت كل المؤسسات الدستورية والنواب الذي يمثلون الشعب اللبناني"، واوضحت ان "المقصود هنا ليس الافراد المذكورين بشخصم او ذاتهم بل بصفتهم ومراكزهم وليس بالضرورة اليوم بل عبر الزمن وخلال كل الحكومات التي مرّت"، واضافت ان "هناك اعضاء مع القاضية شبطيني في هيئة المحكمة لم يعارضوها في اصدار هذا القرار ولو عارضوا لما صدر قرار اخلاء السبيل"، ورأت ان "قرار كقرار اخلاء سبيل العميل قزي لا يصدر الا اذا كان هناك غطاء معينا يعتمد عليه قبل صدوره".
واكدت الخنسا ان "القانون اللبناني واضح في موضوع العمالة ولا يحتاج الا للتطبيق في هذا المجال واذا ما طبق فلا يمكن الحديث عن اخلاء سبيل عميل هناك ادلة تدينه وهو نفسه اعترف بالجرم المنسوب اليه"، واشارت الى انه "قد يكون هناك ارتباطا معينا بين اخلاء سبيل قزي وبين الحديث عن ضرورة الحصول على داتا الاتصالات في لبنان وقد يكون هناك حاجة لمثل العميل القزي بما لديه من القدرات للاستحصال على داتا الاتصالات"، كما ان الاستاذة الخنسا لم تستبعد ان "يكون هناك ارتباطا بين اخلاء سبيل القزي وموضوع الاتصالات التي تستند اليه المحكمة الدولية في عملها"، واعتبرت ان "أي قاضي يخلي سبيل شخص هناك ادلة ضده في موضوع العمالة يكون يرتكب اعمال غير قانونية"، وشددت على انه "اذا كان للقاضي سلطة استنسابية فهو يجب ان يستعملها بالحق وليس بالباطل"، وختمت ان "القزي اعترف بعمالته وهناك ادلة متينة وصلبة تدينه بما يمنع اخلاء سبيله".
من المتصور في العمل القضائي ان تقع الاخطاء باعتبار ان القاضي انسان والانسان غير معصوم عن الخطأ، والخطأ قد يقع حتى ولو تعلقت القضية بعملاء مع العدو الاسرائيلي، ولكن من غير الجائز لاي سبب كان السكوت عن مثل هذا الخطأ، والتنبه ان تكرار الوقوع في أخطاء كهذه قد تكسر قيم ومحرمات دفع لبنان دما وقدمت تضحيات جمّة في سبيلها.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

على القرّاء كتابة تعليقاتهم بطريقة لائقة لا تتضمّن قدحًا وذمًّا ولا تحرّض على العنف الاجتماعي أو السياسي أو المذهبي، أو تمسّ بالطفل أو العائلة.
إن التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع كما و لا نتحمل أي أعباء معنويّة أو ماديّة اطلاقًا من جرّاء التعليق المنشور .