لا مكان للبراءة على الموائد
السعودية، سواء عند وزير الخارجية سعود الفيصل أو في بكفيا.هكذا، أعادت
المملكة «تزييت» صفوف حلفائها المفترضين، مؤكدة استعدادها دفع الثمن
المناسب، ولو من جيب أقرب المقربين إليها، لتضمن الفوز بأكثرية نيابية يبدو
أن التطورات السورية لا تضمنها لها
غسان سعود -
أخيراً تحرك الجمود الانتخابي المحلي. فقبيل مغادرته بيروت مساء أول من أمس، عائداً إلى الرياض في زيارة تستمر أربعة أيام، أعلن السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري، بطريقة غير مباشرة، من على منبرين متنيين، انطلاق الاستعدادات للانتخابات النيابية اللبنانية. تزامن ذلك مع الإعلان السعودي، عبر استقبال وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل الوزير السابق الياس سكاف، عن تدخل المملكة في تفاصيل التفاصيل الانتخابية هذه المرة، وإدارة المعركة مباشرة، من دون وسطاء. ويؤكد المطّلعون على تفاصيل الخبايا الانتخابية، تحقيق السعودية خلال يومين فقط ضربات قوية، توجع مشروع خصومها الانتخابي.
ففي معزل عن نقاشات القوانين الانتخابية الملتبسة، كان واضحاً لقوى 14 و8 آذار أن تغيير موازين القوى النيابية الحالي رهن أربع دوائر: زحلة، المتن الشمالي، كسروان والأشرفية. فلا شيء يمكن تغييره في الجنوب والشمال، يمكن قوى 14 آذار الفوز بالأكثرية النيابية مجدداً في حال حفاظها على زحلة والأشرفية وتحقيق خرق كبير في المتن وكسروان. كما يمكن قوى 8 آذار الفوز بالأكثرية النيابية للمرة الأولى في حال حفاظها على المتن وكسروان وتحقيق خرق كبير في زحلة والأشرفية. لتحقيق ذلك، كانت قوى 8 آذار تعوّل على سكاف، وحيداً أوحد، في زحلة. أما في الأشرفية فتنمو لقوى 8 آذار عضلات إضافية مع كل كوب حليب يشربه المرشح زياد عبس صباحاً، لكن فوزها بالدائرة شبه مستحيل من دون تحول دراماتيكي، كإبرام تفاهم جدّي مع حزب الكتائب، يحسم فوز 8 آذار في المتن وكسروان والأشرفية، ويحسّن ظروف المعركة في زحلة. وفي المقابل، بدا لبعض المتفائلين دائماً بالنصر من جهة 8 آذار أن الهوة تزداد بين آل الجميّل وقوى 14 آذار من جهة، وأن زحلة والمتن الشمالي والأشرفية وكسروان أبعد ما تكون عن جدول الأعمال الحريري، السوري بامتياز.
أتت زيارة سكاف للسعودية فجأة لتغير كل ذلك. يربط أحد المطلعين إعلان رئيس تيار المستقبل سعد الحريري مغادرته الرياض إلى باريس، فور الكشف عن وصول سكاف إلى السعودية، بعدم رغبة رئيس الحكومة السابق في استفزاز رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي لا يسرّه الانفتاح السعودي، سواء مالياً أو سياسياً، على أحد الأفرقاء المسيحيين من دون المرور به. إضافة إلى معرفة جعجع أن استيعاب سكاف مستحيل بغير إشراكه جدياً في الصحن الزحلاوي الذي يعتبره جعجع منذ حوالى سنتين صحنه الخاص، ويصل في اقتناعه هذا إلى حدّ إعداد مرشحين قواتيين عن المقعدين السنّي والشيعي في تلك الدائرة. ويلفت أحد المتابعين إلى إمكان النظر بإيجابية إلى حركة الهجرة الحريرية المعبّر عنها في البيان الأخير كمجرد «تبييض وجه» مع جعجع وغسلٍ لليدين من الجريمة الانتخابية التي ستلحق بقائد القوات في زحلة جرّاء تفاهم المستقبل غصباً عنه مع سكاف، أو تنظر السعودية إلى البيان الحريري بسلبية، فترى فيه «نمردة» إضافية من نجل مبعوثها السابق إلى لبنان وسوريا، والذي أثبت فشله السياسي والإداري مراراً وتكراراً. وعندها ستمضي السعودية بحماسة أكبر في خططها لاستبدال التحالف الآذاري الهش بتمثيله السياسي، بتحالف يستنهض رجالات المملكة السابقين أو أبنائهم، أمثال سكاف في زحلة، ميشال المر وأمين الجميّل في المتن، نعمة افرام وفريد هيكل الخازن في كسروان وغيرهم. والأكيد هنا أن الحريري سينسى مشاعر والده تجاه سكاف، كما سينسى جعجع عدّ مقاعد زحلة النيابية، وينسى الوزير السابق إيلي ماروني قتل شقيقه، حين يعلمهم أحد الموظفين في مكتب سعود الفيصل أن سكاف «حبيب قلب» سموّه.
وخلال استقباله السفير السعودي في لبنان، بدت الابتسامة على وجه النائب سامي الجميّل أعرض مما يتخيّل إنسان، بعدما ضاق ووالده من الأحادية المادية الجعجعية في «التواصل الدولي» مع قوى 14 آذار، منذ أن غادر الجميّل الابن احتفال 14 آذار في ساحة الشهداء، احتجاجاً على رفع صور الملك السعودي. وحشد النائب الشاب العشرات من حَمَلة صفة ناشط في المجتمع المدني، ربما للاستفادة من خبرات السفير ومملكته في إجراء الانتخابات النزيهة والمساواة بين الجنسين واحترام الأديان وغيرها. وخلال اللقاء، كادت عينا عسيري تدمعان من شدة الصدق أثناء تأكيده للشباب، بحسب بيان سفارته، «عدم تفضيل المملكة فريقاً من اللبنانيين على آخر»، ودعمها من يحقق المصلحة اللبنانية «بمعزل عن دينه أو طائفته». أما النائب ميشال المر، فلم يكد يعلم بمغادرة عسيري بكفيا حتى هاتفه، مرحّباً بسعادته في الربوع المتنية، ومعاتباً بطريقة غير مباشرة دخول السفير المتن من الشباك فيما يشرع له أبو الياس الباب. فما كان من عسيري، يتابع المصدر، إلا أن استمهل أبو الياس 12 ساعة ليزوره ف
ي عمارته، وليكتشف المر إثر الزيارة
الميمونة، وبعد عشرين عاماً من استهزائه اللاذع بشعور بعض المسيحيين
بالتهميش، أن «الفريق (فريق واحد) السنّي والمسيحي يشعر بالتهميش». أما
عسيري فلمس بحسب بيانه حرص المر على «تعزيز الوحدة الوطنية».
أما في كسروان، فيتابع ابن المملكة، المارونيّ الأول، رئيس جمعية الصناعيين نعمة افرام، عمله الانتخابي بنحو يرضي التطلعات السعودية ويعزز آمال المملكة بكسر رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون في عرينه.
وقد أكدت المملكة في بداية الأسبوع عندها ونهايته عند غيرها، أنها معنية أولاً بالانتخابات اللبنانية أكثر مما يتخيّل كثيرون، وأن رضى الأب الملك عن الحريري الابن وانبهار الفيصل بعبقرية جعجع لا يحولان ثانياً دون استعانة المملكة بمن يضمنون لقوى 14 آذار الفوز بأكثرية مقاعد المجلس النيابي، بغض النظر عن مشاعر هذا و«بَهوَرات» ذاك وتقلبات النائب وليد جنبلاط. في ظل تأكيد أحد المقرّبين من المملكة أن الثمن الذي يطلبه النائب وليد جنبلاط للتكويع والمتابعة السياسية والأمنية يكفي لشراء مقاعد كثيرة بالمفرق في دوائر كثيرة ليست ببعيدة عن الشوف الجنبلاطي وعاليه. والأهم ختاماً في الحركة السعودية، تأكيدها أن الانتخابات حاصلة في موعدها. فما تتداول به أوساط الرئيس نبيه بري والتيار الوطني الحر صحيح: ليس أمام قوى 14 آذار للعودة إلى الحياة إلا الانتخابات النيابية. ليس في سوريا، أياً كان ما يقوله النائب عقاب صقر له، ما يمكّن الرئيس سعد الحريري من أن يراهن عليه. الانتخابات وفي موعدها، لأن الوقت دائماً وأبداً يعمل إقليمياً ودولياً ضد قوى 14 آذار، لا العكس.
غسان سعود -
أخيراً تحرك الجمود الانتخابي المحلي. فقبيل مغادرته بيروت مساء أول من أمس، عائداً إلى الرياض في زيارة تستمر أربعة أيام، أعلن السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري، بطريقة غير مباشرة، من على منبرين متنيين، انطلاق الاستعدادات للانتخابات النيابية اللبنانية. تزامن ذلك مع الإعلان السعودي، عبر استقبال وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل الوزير السابق الياس سكاف، عن تدخل المملكة في تفاصيل التفاصيل الانتخابية هذه المرة، وإدارة المعركة مباشرة، من دون وسطاء. ويؤكد المطّلعون على تفاصيل الخبايا الانتخابية، تحقيق السعودية خلال يومين فقط ضربات قوية، توجع مشروع خصومها الانتخابي.
ففي معزل عن نقاشات القوانين الانتخابية الملتبسة، كان واضحاً لقوى 14 و8 آذار أن تغيير موازين القوى النيابية الحالي رهن أربع دوائر: زحلة، المتن الشمالي، كسروان والأشرفية. فلا شيء يمكن تغييره في الجنوب والشمال، يمكن قوى 14 آذار الفوز بالأكثرية النيابية مجدداً في حال حفاظها على زحلة والأشرفية وتحقيق خرق كبير في المتن وكسروان. كما يمكن قوى 8 آذار الفوز بالأكثرية النيابية للمرة الأولى في حال حفاظها على المتن وكسروان وتحقيق خرق كبير في زحلة والأشرفية. لتحقيق ذلك، كانت قوى 8 آذار تعوّل على سكاف، وحيداً أوحد، في زحلة. أما في الأشرفية فتنمو لقوى 8 آذار عضلات إضافية مع كل كوب حليب يشربه المرشح زياد عبس صباحاً، لكن فوزها بالدائرة شبه مستحيل من دون تحول دراماتيكي، كإبرام تفاهم جدّي مع حزب الكتائب، يحسم فوز 8 آذار في المتن وكسروان والأشرفية، ويحسّن ظروف المعركة في زحلة. وفي المقابل، بدا لبعض المتفائلين دائماً بالنصر من جهة 8 آذار أن الهوة تزداد بين آل الجميّل وقوى 14 آذار من جهة، وأن زحلة والمتن الشمالي والأشرفية وكسروان أبعد ما تكون عن جدول الأعمال الحريري، السوري بامتياز.
أتت زيارة سكاف للسعودية فجأة لتغير كل ذلك. يربط أحد المطلعين إعلان رئيس تيار المستقبل سعد الحريري مغادرته الرياض إلى باريس، فور الكشف عن وصول سكاف إلى السعودية، بعدم رغبة رئيس الحكومة السابق في استفزاز رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي لا يسرّه الانفتاح السعودي، سواء مالياً أو سياسياً، على أحد الأفرقاء المسيحيين من دون المرور به. إضافة إلى معرفة جعجع أن استيعاب سكاف مستحيل بغير إشراكه جدياً في الصحن الزحلاوي الذي يعتبره جعجع منذ حوالى سنتين صحنه الخاص، ويصل في اقتناعه هذا إلى حدّ إعداد مرشحين قواتيين عن المقعدين السنّي والشيعي في تلك الدائرة. ويلفت أحد المتابعين إلى إمكان النظر بإيجابية إلى حركة الهجرة الحريرية المعبّر عنها في البيان الأخير كمجرد «تبييض وجه» مع جعجع وغسلٍ لليدين من الجريمة الانتخابية التي ستلحق بقائد القوات في زحلة جرّاء تفاهم المستقبل غصباً عنه مع سكاف، أو تنظر السعودية إلى البيان الحريري بسلبية، فترى فيه «نمردة» إضافية من نجل مبعوثها السابق إلى لبنان وسوريا، والذي أثبت فشله السياسي والإداري مراراً وتكراراً. وعندها ستمضي السعودية بحماسة أكبر في خططها لاستبدال التحالف الآذاري الهش بتمثيله السياسي، بتحالف يستنهض رجالات المملكة السابقين أو أبنائهم، أمثال سكاف في زحلة، ميشال المر وأمين الجميّل في المتن، نعمة افرام وفريد هيكل الخازن في كسروان وغيرهم. والأكيد هنا أن الحريري سينسى مشاعر والده تجاه سكاف، كما سينسى جعجع عدّ مقاعد زحلة النيابية، وينسى الوزير السابق إيلي ماروني قتل شقيقه، حين يعلمهم أحد الموظفين في مكتب سعود الفيصل أن سكاف «حبيب قلب» سموّه.
وخلال استقباله السفير السعودي في لبنان، بدت الابتسامة على وجه النائب سامي الجميّل أعرض مما يتخيّل إنسان، بعدما ضاق ووالده من الأحادية المادية الجعجعية في «التواصل الدولي» مع قوى 14 آذار، منذ أن غادر الجميّل الابن احتفال 14 آذار في ساحة الشهداء، احتجاجاً على رفع صور الملك السعودي. وحشد النائب الشاب العشرات من حَمَلة صفة ناشط في المجتمع المدني، ربما للاستفادة من خبرات السفير ومملكته في إجراء الانتخابات النزيهة والمساواة بين الجنسين واحترام الأديان وغيرها. وخلال اللقاء، كادت عينا عسيري تدمعان من شدة الصدق أثناء تأكيده للشباب، بحسب بيان سفارته، «عدم تفضيل المملكة فريقاً من اللبنانيين على آخر»، ودعمها من يحقق المصلحة اللبنانية «بمعزل عن دينه أو طائفته». أما النائب ميشال المر، فلم يكد يعلم بمغادرة عسيري بكفيا حتى هاتفه، مرحّباً بسعادته في الربوع المتنية، ومعاتباً بطريقة غير مباشرة دخول السفير المتن من الشباك فيما يشرع له أبو الياس الباب. فما كان من عسيري، يتابع المصدر، إلا أن استمهل أبو الياس 12 ساعة ليزوره ف
أما في كسروان، فيتابع ابن المملكة، المارونيّ الأول، رئيس جمعية الصناعيين نعمة افرام، عمله الانتخابي بنحو يرضي التطلعات السعودية ويعزز آمال المملكة بكسر رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون في عرينه.
وقد أكدت المملكة في بداية الأسبوع عندها ونهايته عند غيرها، أنها معنية أولاً بالانتخابات اللبنانية أكثر مما يتخيّل كثيرون، وأن رضى الأب الملك عن الحريري الابن وانبهار الفيصل بعبقرية جعجع لا يحولان ثانياً دون استعانة المملكة بمن يضمنون لقوى 14 آذار الفوز بأكثرية مقاعد المجلس النيابي، بغض النظر عن مشاعر هذا و«بَهوَرات» ذاك وتقلبات النائب وليد جنبلاط. في ظل تأكيد أحد المقرّبين من المملكة أن الثمن الذي يطلبه النائب وليد جنبلاط للتكويع والمتابعة السياسية والأمنية يكفي لشراء مقاعد كثيرة بالمفرق في دوائر كثيرة ليست ببعيدة عن الشوف الجنبلاطي وعاليه. والأهم ختاماً في الحركة السعودية، تأكيدها أن الانتخابات حاصلة في موعدها. فما تتداول به أوساط الرئيس نبيه بري والتيار الوطني الحر صحيح: ليس أمام قوى 14 آذار للعودة إلى الحياة إلا الانتخابات النيابية. ليس في سوريا، أياً كان ما يقوله النائب عقاب صقر له، ما يمكّن الرئيس سعد الحريري من أن يراهن عليه. الانتخابات وفي موعدها، لأن الوقت دائماً وأبداً يعمل إقليمياً ودولياً ضد قوى 14 آذار، لا العكس.
0 التعليقات:
إرسال تعليق
على القرّاء كتابة تعليقاتهم بطريقة لائقة لا تتضمّن قدحًا وذمًّا ولا تحرّض على العنف الاجتماعي أو السياسي أو المذهبي، أو تمسّ بالطفل أو العائلة.
إن التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع كما و لا نتحمل أي أعباء معنويّة أو ماديّة اطلاقًا من جرّاء التعليق المنشور .