الأربعاء، 1 أغسطس 2012

شامير: "فليقتلوه".. هكذا اتخذ قرار اغتيال الشهيد السيد عباس الموسوي


عملية أسر الجنديين الإسرائيليينبعد أيام على كشف قناة "الميادين" الفضائية لتفاصيل عملية أسر الجنديين الإسرائيليين في تموز/يوليو من العام 2006، وما أحدثته من ردود أفعال في الأوساط الصهيونية، جاء كشف صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن تفاصيل قرار عملية اغتيال سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي ليكون بمثابة رفع لمعنويات الجمهور الإسرائيلي.
وينقل محلّل الشؤون الاستخبارية في "يديعوت أحرونوت" رونين برغمان إن "الهدف المقرر من العملية كان جمع معلومات قبل الاختطاف عن ثلاث شخصيات في حزب الله، إلا أن هذه الإجراءات انتهت إلى هجوم"،  كاشفاً عن مجريات خطة اتخذ قرار الهجوم فيها "من دون الاستعداد لليوم الذي يلي العملية".
وبحسب الصحيفة كان موضوع الطيّار الإسرائيلي المفقود رون أراد، قد بُحث في إحدى الجلسات المهمّة التي عقدتها القيادة العليا للاستخبارات العسكرية "أمان"، في تموز/يوليو - آب/أغسطس من العام 1991، بحيث اقترح أحد المشاركين القيام بما سمّاه "كاسر التعادل" الذي كان المقصود منه الحصول على "أوراق مساومة" من خلال الاختطاف، ثم التبادل. وطُرحت في الجلسة ثلاثة أسماء، ذكر التقرير واحداً منهم هو السيد عباس الموسوي، في 5 آب/أغسطس 1991، وبحثت الأسماء الثلاثة مع رئيس "أمان" الجنرال أوري ساغي، الذي طلب تفعيل عملية جمع المعلومات.
عملية إختطاف كـ "ورقة مساومة"
السيد عباس الموسويوفي 12 شباط/فبراير من العام 1992، تلقّت الاستخبارات العسكرية معلومات وصفت بـ "الدراماتيكية"، تقول إن "حزب الله" سيقيم مهرجانًا سياسياً في الذكرى السنوية لاغتيال الشهيد الشيخ راغب حرب في قرية جبشيت، وسيشارك فيه عدد من قادة الحزب من بينهم السيد عباس الموسوي. ولم يعرف الإسرائيليون الموعد المحدد بالضبط، وحصلوا عليه من مصادر مكشوفة مثل وسائل الإعلام.
وفي إحدى الجلسات التي سبقت العملية أعلن أحد الضباط أنه يؤيد تجهيز "نموذج استخباري" لفحص إمكان استغلال الذكرى من أجل اختطاف السيد عباس الموسوي كـ "ورقة مساومة"، من الممكن أن تكون في العام المقبل. وقال أحد الضباط: "تعالوا نعمّق معلوماتنا". عقدت اجتماعات عدّة، وكان الحديث عن "نموذج عملية" لا عن عملية اختطاف فعلية، وبحسب التقرير، فإن أحداً لم يعتقد أن هذه المناورة ستتحوّل إلى عملية فعلية.
ويشير برغمان الى أن العملية تدحرجت إلى الأمام من دون أن يتوقف أحد لفحص هدفها، وما يمكن أن يكون رد فعل الجانب الآخر. وفي ليلة 13 شباط نشر رئيس قسم العمليات شموئيل أراد، برنامج العملية، التي كان المقصود منها الحصول على "أوراق مساومة" من خلال الاختطاف ثم التبادل. وفي 14 شباط/فبراير 1992 نشر القسم الذي يُعنى بشؤون "الإرهاب" في وحدة الأبحاث التابعة للاستخبارات العسكرية تقريراً، كان واضحاً فيه أن الحديث يجري عن "نموذج استخباري" لاختطاف. اشتمل التلخيص على التالي: موكب السيارات التابع للسيد الموسوي يضم عادة من ثلاث الى خمس سيارات، من بينها سيارتان للمرافقين في أول الموكب وآخرها السيارة التي يركبها السيد عباس الموسوي من طراز مرسيدس 280 أو 500، ومكانه في الموكب ليس ثابتاً.
ويضيف برغمان: "ان فريق الاستخبارات في سلاح الجو أخرج في حينه أمراً خاصاً به، أشار إلى إمكانية مختلفة للغاية مفادها أنه بموجب جمع المعلومات ستنتقل العملية إلى مرحلة الهجوم".
شامير في الساعات الأخيرة: "فليقتلوه"
بعد يوم واحد قتل ثلاثة جنود إسرائيليين في عملية نفّذتها حركة "الجهاد الإسلامي". وفي 16 شباط/ فبراير ، افتتحت "غرفة العمليات" الإسرائيلية عند السابعة صباحاً ودخل في حينه قائد هيئة الأركان إيهود باراك إلى طاقم مخططي العملية، وأراد وساغي تنفيذ الهجوم، الذي لم يكن الجميع في غرفة العمليات موافقاً عليه، فهناك من وافق بتحفّظ، وهناك من رفض. ضابط الاستخبارات الأساسي دورون تمير سمع مقاطع من حديث باراك وساغي، وأسرع إلى رئيس قسم الأبحاث وسأله: ما الذي يجري هنا، كيف سيتحوّل نموذج الاستخبارات إلى هجوم؟ علينا ألا نفعل شيئًا نندم عليه بعد ذلك. ويروي برغمان أن "الذين عارضوا" لم يمتلكوا الشجاعة الكافية ليقولوا رأيهم.
الحديث بين باراك وساغي جرى على مقربة من الصورة التي نقلتها الطائرة من دون طيّار، وطائرة الاستعلامات عن الموكب، إذ كان سلاح الجو جاهزاً أيضاً ولكن لم يكن الإسرائيليون متأكدين من أنَ الموكب هو موكب السيد عباس الموسوي فعلاً. وزير الحرب الإسرائيلي آنذاك موشيه أرينز دخل هو الآخر على خط العملية، وعارض الهجوم في البداية، خشية ألا يكون السيد عباس موسوي في الموكب. ولم تحظ العملية بمصادقة رئيس الحكومة اسحق شامير عليها، فهو لم يسمع عن العملية إلا في يومها، ولم يجرِ الاتصال به. ولم يتصل به أرينز "لا هاتف في منزله"، كانوا يعرفون أنه يعود إلى المكتب عند الرابعة عصراً. وعند الساعة 15:55 وصل شامير إلى مكتبه، استمع إلى تفاصيل العملية بواسطة السكرتير العسكري، الذي لم يسمع هو أيضاً بها من قبل. ويشير التقرير إلى استغراق شامير دقيقة واحدة قبل أن يقرر، وقال: "فليقتلوه". وأرفق كلمته هذه بحركة من يده.
حطام سيارة السيد عباس الموسويوعند الساعة 16:10 اقترب الموكب المرصود من مفترق قرية تفاحتا بعد انتهاء الترتيبات في جبشيت، وأطلقت الطائرة الصاروخ الأول على الموكب فأصاب السيارة الثالثة. بعدها أطلقت النار على السيارة الأولى في الموكب، التي كان يُفترض أن يكون السيد عباس الموسوي فيها، لكنها أخطأت الهدف. اتجه سائق السيارة إلى مكان تحت الشجر وخرج عن خط الرؤية لكنه عاد إلى الشارع بسرعة أكبر فأصابه الصاروخ وأصيبت سيارة المرافقين.
وعند الساعة السادسة فقط تبيّن أن السيد عباس كان في السيارة الثانية مع ابنه وزوجته. وفي الساعة الثامنة، ظهر موشيه أرينز في نشرة الأخبار المركزية، وأعلن المسؤولية عن عملية الاغتيال.
لم يتأخر رد "حزب الله" على عملية الاغتيال، فدك المستوطنات الشمالية بوابل من صواريخ الكاتيوشا.
واللافت بحسب تقرير "يديعوت أحرونوت"، انه رغم مرور نحو عشرين عاماً على اغتيال السيد عباس الموسوي، لا يزال النقاش في الكيان دائراً بشأن ضرورة العملية، وهناك جزء كبير ما زال يرى أن "إسرائيل" تسرعت ولم تبحث العواقب بما فيه الكفاية.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

على القرّاء كتابة تعليقاتهم بطريقة لائقة لا تتضمّن قدحًا وذمًّا ولا تحرّض على العنف الاجتماعي أو السياسي أو المذهبي، أو تمسّ بالطفل أو العائلة.
إن التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع كما و لا نتحمل أي أعباء معنويّة أو ماديّة اطلاقًا من جرّاء التعليق المنشور .