
سحب الجيش السوري كل عناصر الهجانة ونشر
جنوداً مدججين بمختلف أنواع الأسلحة، وأصبح ما كان يعرف بالتهريب البشري
والمادي مستحيلاً، في ظل هذه الإجراءات والتعزيزات العسكرية التي باشرت
برسم حزامها الأمني والعسكري داخل الأراضي اللبنانية بعمق يتراوح ما بين 2
و5 كلم. وقال مصدر أمني لبناني لـ«الأخبار» إن التعزيزات العسكرية السورية
خلال الساعات الماضية على طول خط الحدود مع لبنان «تعتبر الأكثر نوعية».
وأضاف إن هذه الإجراءات العسكرية السورية «أُبلغ الجانب اللبناني ببعض
تفاصيلها الميدانية»، موضحاً أن الجانب العسكري السوري «وضع خطة عسكرية
شاملة على طول خط الحدود مع لبنان من دير العشاير جنوباً، مروراً بطفيل
ومرتفعات عرسال، وصولاً الى مشاريع القاع ومختلف المعابر غير الشرعية».
ولفت المصدر الى أن التعزيزات «العسكرية القتالية السورية شملت نقاط العبور
الرسمية نحو لبنان كمعبر جديدة يابوس وجوسيه قرب القاع». وأشار الى أن
الجيش السوري ينفذ ليلاً انتشاراً عسكرياً واسعاً على طول الطريق الممتدة
من أطراف معبر المصنع اللبناني الشرقية، مروراً بجديدة يابوس ومرتفعاتها،
وصولاً الى أطراف الزبداني، لافتاً الى أن معبر جديدة يابوس أصبح أكثر
تحصيناً وتدعيماً، وأن انتشار الجنود على الطريق الدولية من داخل المنطقة
المحايدة بين معبري المصنع وجديدة يابوس «يتخذ الطابع القتالي مدعّمين
بدبابات ومدافع هاون ورشاشات ثقيلة ومتوسطة». ولفت المصدر الى أن «الجيش
السوري الحر» حاول خلال اليومين الماضيين السيطرة على الطريق الدولية من
أطراف جديدة يابوس الشرقية حتى الزبداني و«فشلت المحاولة بسبب التعزيزات
العسكرية النظامية التي أسرت أكثر من 10 مقاتلين من الجيش الحر حاولوا
إقامة حاجز على الطريق الدولية في منطقة زرزر القريبة من الزبداني». وكشف
المصدر لـ«الأخبار» أن الجيش السوري نشر بطاريات صواريخ أرض ــــ جو جديدة
قرب الحدود مع لبنان في مناطق سهل كفر يابوس ومشارف الطفيل اللبنانية،
اضافة الى بطاريات مدفعية ثقيلة استخدمت منذ ايام في قصف الزبداني ومضايا،
وقد سمع دويها بوضوح في القرى اللبنانية المتاخمة.
التعزيزات على طول خط الحدود مع لبنان،
بدأ يلحظها رعاة ماشية كانوا يجتازون الحدود بسهولة في دير العشاير وحلوة
وكفرقوق. ويقول بعض هؤلاء انهم منذ ايام عدة لم يعودوا قادرين على العبور
بمواشيهم الى المراعي الخصبة داخل الاراضي السورية. ولفتوا الى ان الانتشار
القتالي السوري المدعّم بمدرعات ودبابات ورفع سواتر ودشم قتالية «لم نر
مثيلاً له».
هذه التطورات الميدانية العسكرية السورية
قرب الحدود الجنوبية الشرقية، لا تختلف عن تلك المتخذة منذ أيام وخلال
الساعات الماضية في محيط قرية الطفيل اللبنانية، وصولاً الى مرتفعات أعالي
جرد عرسال، ونزولاً الى مشاريع القاع التي تشهد بين حين وآخر اشتباكات بين
الجيش ومقاتلين سوريين يلقون دعماً من مقاتلين لبنانيين. وكشف مصدر أمني
لـ«الأخبار» أن الجيش السوري رفع سواتر ودشماً جديدة على طول خط الحدود مع
عرسال وشرق مشاريع القاع، وبدأ إزالة الأشجار التي تعرقل رؤية الأراضي
اللبنانية المتاخمة. وأوضح المصدر أن الجيش اللبناني عزز مواقعه في المنطقة
وأقام مراكز مراقبة جديدة، فيما تحدث مواطنون لبنانيون عن صعوبة في التنقل
ليلاً داخل بساتين مشاريع القاع وحقولها الزراعية بسبب الرصاص السوري.
وقال أبو محمد ف. إن حركة العبور غير الشرعي من القرى والمزارع السورية
المتاخمة لمشاريع القاع «تراجعت الى حدود الصفر منذ عدة أيام، ولم نعد نرى
سوريين يعبرون». وأوضح أن الجرحى السوريين الذين كانوا يُنقلون الى مشاريع
القاع، ومنها الى مستشفيات في البقاع وشمال لبنان «لم يعد من الممكن وصولهم
الى هنا لأن الإجراءات العسكرية السورية أصبحت أكثر تشدداً». وأكد أن جميع
سكان المنازل المتاخمة للساتر الترابي (خط الحدود) غادروا منازلهم الى عمق
منطقة المشاريع.

الانتشار العسكري السوري الجديد والمعزز
والمدعم شمل أيضاً خط الحدود مع لبنان في منطقة حوش السيد علي والنزارية
والنهرية والدورة. ولوحظت خلال الساعات الماضية تعزيزات عسكرية قتالية لم
يلحظها السكان من قبل. ففي بلدة حوش السيد علي، التي تفصلها ساقية مياه عن
الأراضي السورية لا يتجاوز عرضها نصف المتر، تشاهد الدوريات العسكرية
السورية وحالات الاستنفار الدائم. ويقول سكان من القرية اللبنانية ان
الهدوء عاد الى محيط قريتهم من الجانب السوري بعد تعزيز الجيش السوري
انتشاره وسحب عناصر الهجانة. وكشفوا ان الجيش السوري يسمح للأهالي بالعبور
نحو أراضيهم الزراعية في سوريا بسهولة ومن دون إجراءات معقدة.
حوش السيد علي وأخواتها تعتبر من المناطق
الصديقة للجيش السوري، ويكشف الأهالي الذين يتحركون داخل القرية تحت انظار
الجيش السوري ان تفاهماً جرى بين الطرفين يقضي بمنع الأهالي «الغرباء» من
دخول قريتهم والتسلل منها نحو الأراضي السورية. وأوضحوا أن «التفاهم الودي»
يقضي بمنع الصحافيين من التقاط الصور للجيش السوري ومواقعه وآلياته. وقال
بعض المواطنين في البلدة ان جنوداً من الجيش السوري يضطرون الى عبور خط
الحدود للتزود بمواد غذائية وعلب السجائر، و«هذا أمر طبيعي قائم منذ عام
2005». وينفي الأهالي في القرية المعلومات التي تحدثت عن اشتباكات حصلت قرب
قريتهم بين مقاتلين من حزب الله و«الجيش الحر»، مؤكدين أن لا وجود
لـ«الجيش الحر» قرب الحوش و«نحن بالأساس مع الرئيس بشار الأسد».
0 التعليقات:
إرسال تعليق
على القرّاء كتابة تعليقاتهم بطريقة لائقة لا تتضمّن قدحًا وذمًّا ولا تحرّض على العنف الاجتماعي أو السياسي أو المذهبي، أو تمسّ بالطفل أو العائلة.
إن التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع كما و لا نتحمل أي أعباء معنويّة أو ماديّة اطلاقًا من جرّاء التعليق المنشور .