
السعودية بوضعها الحالي وبالأسباب التي أدت إلى تأسيسها هي العمود الأساس لكل البناء الأمريكي في العالم الإسلامي، وعلى عكس كل دول البناء الأمريكي هي لم تأتي نتاج الاحتلال عند نهاية الاستعمار الأوروبي المباشر الذي انتهى مع نهاية الحرب العالمية الثانية، ولكنها أنشئت خصيصا من أجل القيام بدورها. من هنا تنبع أهمية اللقاء على ظهر حاملة الطائرات الأمريكية (يو أس أس كينسي) الذي أنتج السعودية العامود الأساس للبناء الأمريكي في العالم الإسلامي ووظيفته الأساس لعب دور المحرك والقاعدة الثابتة في آن معا لمنظومة البناء الأمريكية في العالم الإسلامي ولا بد أن فقدانه لوظيفته هذه سوف يجعل كامل القوس من الشرق العربي حتى أفريقيا الشمالية والشرقية مرورا بباكستان والدول الإسلامية في المحيط الهندي في حالة تغيير شامل سوف يؤدي إلى تهديم البناء وإعادة تركيبه على أسس جديدة بعد انهيار السعودية.

هذه الحالة السعودية خلافا لغيرها أنتجت نفسها بنفسها لتظهر مدى حساسية الأوضاع الداخلية في الدولة الصنم، وهي حالة تساعدها الموجة العارمة من التدمير والتغيير الجذري التي تحصل مع الربيع العربي، هذا البناء المفرط الحساسية الذي كان الحفاظ عليه أساس في سياسة وعقيدة كيسنجير طيلة سنوات الحرب الباردة أصبح حاليا الهدف الأخير لكل هذه السلسة من الأزمات الجارية في العالم العربي، ولاشك أن مصير السعودية سوف يحدد مصير كامل منظومة البناء الأمريكي.
فانهيار البناء السعودي لن يكون حدثا داخل منظومة البناء الأمريكي كما هي الحال في البلدان الأخرى لكنه الحدث المقرر لمصير البناء بكامل أسسه وقواعده، ومعالم هذا المصير رسمت في الأشهر الثمانية عشرة الماضية، التي دفعت العائلة السعودية الحاكمة بسبب رعبها على وضعها الداخلي إلى التخلي عن سياسة الحذر والهروب إلى الأمام عبر سياسة هجومية عدوانية تجعلها ضحية لارتدادات سياستها الخاصة.

لا شك أن العائلة السعودية الحاكمة ارتكبت الخطأ الاستراتيجي القاتل بالنظر إلى ضعفها المعنوي الكبير ضمن التيار الجارف للأزمة، فدخول العائلة وانغماسها في نيران الربيع العربي نتيجته الحتمية أنها لن تخرج سالمة من الاحتراق بحمم هذا البركان وسوف تخسر المعركة..
0 التعليقات:
إرسال تعليق
على القرّاء كتابة تعليقاتهم بطريقة لائقة لا تتضمّن قدحًا وذمًّا ولا تحرّض على العنف الاجتماعي أو السياسي أو المذهبي، أو تمسّ بالطفل أو العائلة.
إن التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع كما و لا نتحمل أي أعباء معنويّة أو ماديّة اطلاقًا من جرّاء التعليق المنشور .